الصين وإندونيسيا.. شراكة إقليمية واعدة في آسيا والمحيط الهادئ
تضطلع إندونيسيا، بصفتها أكبر دولة في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) من حيث عدد السكان والمساحة والاقتصاد، ولاعباً رئيسياً في مجموعة العشرين (G20)، بدور ريادي في تعزيز التكامل داخل آسيان وتوطيد العلاقات بين الصين وآسيان.
ووفقاً لما ذكرته صحيفة China Daily، الشريك الإعلامي لشبكة TV BRICS، نقلاً عن جيا دوتشيانغ، الباحث المشارك في المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، فقد قامت الصين وإندونيسيا منذ عام 2013 بمواءمة استراتيجياتهما الوطنية: "مسار الصين نحو التحديث" و"رؤية إندونيسيا الذهبية 2045"، ما أدى إلى تعاون رفيع المستوى في مجالات التجارة والبنية التحتية والاستثمار.
ويؤكد الخبير أن أهمية العلاقة الثنائية تتجلى أيضاً في اختيار الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو للصين لتكون أول وجهة خارجية له بعد توليه منصبه في أواخر عام 2024، حيث اتفق البلدان على رفع مستوى شراكتهما الاستراتيجية الشاملة.
التحول الاقتصادي والتقدم التكنولوجي
وفي قطاع الطاقة النظيفة، ووفقاً لدوان ديزون، الخبير في الاتصالات الاستراتيجية، تقوم كبرى الشركات بإنشاء مرافق لإنتاج السيارات الكهربائية والإسهام في البنية التحتية للطاقة الشمسية. وتعد هذه الاستثمارات ضرورية لطموحات إندونيسيا في أن تصبح مركزاً إقليمياً للتصنيع الأخضر والتقنيات المتجددة.
تسريع الاقتصاد الرقمي
كما أصبح الاقتصاد الرقمي مجالاً حيوياً للتعاون. وتقوم شركات التكنولوجيا الصينية العملاقة بتوسيع البنية التحتية والمنصات الرقمية في إندونيسيا.
وبهذا الصدد، يوضح نائب الأمين العام للجمعية الدولية للاقتصادات الرقمية، ألكسندر تيتوف، قائلاً: "تساعد أوجه التعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية والتعليم الرقمي إندونيسيا على تجاوز مراحل التنمية، مع دعم خلق فرص العمل وتنمية المهارات ونقل التكنولوجيا".
وبالإضافة إلى تعميق النشاط التجاري، تعمل هذه الشراكات على بناء أنظمة بيئية محلية في مجالات الذكاء الاصطناعي والخدمات اللوجستية الذكية والبنية التحتية السحابية، ما يدعم أهداف إندونيسيا الأوسع في التحول الرقمي والنمو الشامل.
التعاون الإقليمي والتوافق المؤسسي
أظهرت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين وآسيان ديناميكية مستدامة. ففي عام 2024، بلغت التجارة بين الصين وآسيان ما يقرب من تريليون دولار أمريكي، مع احتفاظ الصين بموقعها كأكبر شريك تجاري لآسيان لمدة 16 عاماً. وفي المقابل، كانت آسيان الشريك الأول للصين لمدة خمس سنوات متتالية، حيث تتصدر فيتنام وماليزيا وإندونيسيا القائمة.
وبجانب التجارة، توسع التعاون ليشمل قطاعات مثل الزراعة والاقتصاد الرقمي والتنمية الخضراء والبنية التحتية. ولا تزال الصين أحد أكبر مصادر الاستثمار الأجنبي لآسيان، في حين تعد آسيان سوقاً حيوية للمؤسسات الصينية، ولا سيما في مجالي الزراعة والتصنيع.
دور إندونيسيا العالمي المتنامي
يتزايد أيضاً حضور إندونيسيا الإقليمي والدولي. فمع انضمامها إلى مجموعة بريكس، تكتسب البلاد نفوذاً متزايداً في تشكيل الحوكمة الاقتصادية العالمية. ويسلط رونالد يوسف ويجايا، رئيس جمعية الشركات الناشئة والمؤسسات المختلفة التي تقدم خدمات مالية قائمة على التكنولوجيا، الضوء على الأهمية الأوسع نطاقاً، مصرحاً بأن:
"عضوية إندونيسيا في مجموعة بريكس تعزز نفوذها العالمي، وتوسع نطاق الوصول إلى الأسواق، وتعزز التعاون الاقتصادي في مجالات التكنولوجيا المالية والطاقة المتجددة.. وكل ذلك من أجل اقتصاد عالمي مستدام. ومن الناحية الجيوسياسية، يفتح هذا فرصاً اقتصادية جديدة ويوسع النفوذ الإقليمي".
وبذلك، تستعد إندونيسيا لتعزيز دورها المحوري كجسر دبلوماسي واقتصادي بين الصين وآسيان، والجنوب العالمي والاقتصادات الكبرى، في مستقبل يشهد مزيدًا من التعاون والتكامل.
مصدر الصورة: iStock