إندونيسيا في بريكس: كيف سيؤثر ذلك على روسيا؟
إندونيسيا ليست مجرد وجهة سياحية شهيرة، بل هي دولة بعدد سكان يقارب 280 مليون نسمة، وواحدة من أسرع الاقتصادات نموًا في العالم.
في عام 2025، أصبحت إندونيسيا عضوًا كاملاً في مجموعة بريكس، كما تجري مباحثات بشأن اتفاقية منطقة التجارة الحرة مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي (EAEU). هذه التحركات تضع أسسًا قوية للتعاون الدولي، بما في ذلك مع روسيا.
تحدث الخبراء عن آفاق الشراكة بين البلدين خلال نقاش بعنوان "ما وراء بالي: إندونيسيا كعملاق صاعد في بريكس+" الذي عُقد في المركز الإعلامي الثقافي لبريكس+. تم نشر محتوى الجلسة على موقع مجموعة " Eurasia Today" الإعلامية، الشريك لشبكة TV BRICS.
أهمية السياق التاريخي
إن فهم السياق التاريخي والثقافي لإندونيسيا أمر بالغ الأهمية من أجل تحقيق تعاون اقتصادي ناجح بين الدول. كما يوضح المؤرخ المتخصص في شؤون إندونيسيا نيكيتا كوكولين، فإن التصور الشائع عن إندونيسيا كدولة زراعية لا يعكس واقع هيكلها الاقتصادي الحديث. فوفقًا له، تُعد إندونيسيا مركزًا صناعيًا قويًا ومتداخلًا بعمق مع الاقتصاد العالمي. وبحلول عام 2030، من المتوقع أن يصل عدد الطبقة المتوسطة فيها إلى ما بين 118 و182 مليون شخص، مما يرسخ مكانتها كأكبر سوق استهلاكي في المنطقة.
التقاليد العريقة لهذه الحضارة تؤثر بشكل مباشر على العمليات الاقتصادية والسياسية الحالية في البلاد. ولذلك، يعتبر الخبراء أن التعاون مع إندونيسيا يتطلب تقييمًا موضوعيًا لإمكاناتها.

التكامل الطبيعي بين إندونيسيا وروسيا
تمثل إندونيسيا، كونها قوة كبيرة في مجالات الطاقة والموارد الطبيعية مثل النفط والنيكل، فرصة استراتيجية للتعاون في قطاعي الطاقة والصناعات الاستخراجية. في الوقت نفسه، يفتح السوق الإندونيسي المتنامي فرصًا لتصدير المنتجات الزراعية الروسية، والأسمدة، وحلول تكنولوجيا المعلومات، والمعدات الثقيلة.
ويشير المدير العام لشركة استشارية تعمل على دعم الشركات الروسية في أسواق جنوب شرق آسيا، أليكسي باستوخوف، إلى أن إندونيسيا قادرة على أن تصبح شريكًا استراتيجيًا ذا أهمية خاصة لروسيا، مؤكدًا على وجود "تكامل طبيعي" بين البلدين.
ويضيف باستوخوف أن الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، إلى جانب إيران وإندونيسيا، يعملون على إنشاء فضاء اقتصادي مشترك تدعمه عضوية هذه الدول في بريكس، بالإضافة إلى اتفاقيات التجارة الحرة. ففي حين دخول الاتفاقية مع إيران حيز التنفيذ، فإن الاتفاقية مع إندونيسيا دخلت مراحلها النهائية وقد يتم توقيعها في الأشهر المقبلة.
دعم هذه الاستراتيجية على أعلى المستويات
تؤكد المباحثات الثنائية التي جرت في سان بطرسبورغ بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والإندونيسي برابوو سوبيانتو على هذه الاستراتيجية، حيث وقع الطرفان إعلان الشراكة الاستراتيجية. وأكد بوتين أن إندونيسيا تعد واحدة من أبرز الشركاء التجاريين لروسيا في آسيا، مشيرًا إلى أن التبادل التجاري بين البلدين شهد زيادة بنسبة 40% في الربع الأول من عام 2025.
التحديات الثقافية في أنظمة اتخاذ القرارات
يتطلب التعاون المثمر فهم الاختلافات في أنظمة الإدارة بين البلدين. في إندونيسيا، تُتخذ القرارات عادةً على أساس التوافق الجماعي، وهو ما يوضح أهمية وجود عملية تشاورية داخل الشركات والمؤسسات. وفقًا لممثل غرفة التجارة والصناعة في منطقة موسكو في جنوب شرق آسيا، فاديم يونسوف، فإن اتخاذ القرارات في إندونيسيا يجب أن يتم بشكل جماعي.
هذا يعني أنه لتحقيق نجاح المشاريع، من الضروري الحصول على موافقة جميع الأطراف المعنية مسبقًا. ورغم التحديات الأولية التي قد يواجهها المستثمرون، فإن التكيف مع الثقافة التجارية المحلية يعود بنتائج إيجابية على المدى الطويل. ويُعد بناء علاقات قائمة على الثقة مع الشركاء الإندونيسيين عاملاً مهمًا لتحقيق ميزة تنافسية على هذا السوق.
مصدر الصورة: Eurasia Today, Oleksii Liskonih / iStock
DIGITAL WORLD
مركز بريكس+ الإعلامي
MODERN RUSSIAN