النوروز: رأس السنة الفارسية.. تاريخ وتقاليد واحتفالات
عيد رأس السنة الفارسية، المعروف باسم النوروز (بمعنى "يوم جديد" بالفارسية)، هو مهرجان قديم يحتفل ببداية الربيع وتجدد الطبيعة، ويرمز إلى حلول العام الجديد في التقويم الفارسي. ويُحتفل بالنوروز سنويًا في 21 مارس، بالتزامن مع الاعتدال الربيعي.
تاريخ وجذور النوروز
يمتد تاريخ النوروز لأكثر من 3 آلاف عام، ويعود أصله إلى الديانة الزرادشتية في بلاد فارس القديمة. ومع مرور الوقت، انتشر العيد ليشمل العديد من الثقافات والشعوب، بما في ذلك إيران وأذربيجان ودول آسيا الوسطى وتركيا وأجزاء من روسيا وغيرها. ويحتفل اليوم أكثر من 300 مليون شخص حول العالم بالنوروز.
ترى الدكتورة حسنى سليمي، مرشحة الدكتوراه في الدراسات الهندية بكلية الدراسات العالمية بجامعة طهران والحائزة على جائزة "باحث العام الشاب" من بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون، أن هذا الاحتفال الفارسي القديم يحمل أهمية كبيرة، وقالت:
"إنه وقت تجتمع فيه العائلات للاحتفال والتأمل في تراثها المشترك. يمكنك أن تشعر بالإثارة والفرح قبل أسابيع من النوروز، من مراكز التسوق الصاخبة وحركة المرور الكثيفة في جميع أنحاء المدن في الأسابيع التي تسبق العيد. النوروز لا يربط الإيرانيين بتاريخهم فحسب، بل يقرّبهم أيضًا من بعضهم البعض".
الاعتراف الدولي بالنوروز
نظرًا لجذوره الثقافية العميقة وتغطيته الجغرافية الواسعة، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 21 مارس باعتباره اليوم الدولي للنوروز في 23 فبراير 2010 وأدرجته في تقويمها. بالإضافة إلى ذلك، أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) النوروز في قائمة التراث العالمي غير المادي في الفترة من 28 سبتمبر إلى 2 أكتوبر 2009.
تقاليد وعادات النوروز
يصاحب الاحتفال بالنوروز العديد من التقاليد والعادات التي تهدف إلى التجديد والتطهير.
التنظيف المنزلي أو خانه تكاني
قبل حلول النوروز، يقوم الإيرانيون بتنظيف عام لمنازلهم، في رمزية لتطهير الماضي.
ذكرت صحيفة Tehran Times، الشريك الإعلامي لشبكة TV BRICS، أن النسخة الإيرانية من التنظيف الربيعي تبدأ عادة في الأسابيع التي تسبق النوروز ويمكن أن تستمر لعدة أيام، اعتمادًا على حجم المنزل ومدى الأعمال المنزلية المطلوبة.
ولا يقتصر "خانه تكاني" على ترتيب المساحة المادية فحسب، بل يتعلق أيضًا بتطهير المنزل من الطاقات السلبية واستقبال الطاقات الإيجابية للعام القادم. حيث يتم تلميع وتنظيف كل ركن من أركان المنزل بدقة.
كيفية تحضير مائدة هفت سين أو سفرة السينات السبع؟
من التقاليد الأساسية هي تزيين مائدة هفت سين، التي توضع عليها سبعة أشياء تبدأ أسماؤها بحرف "سين" بالفارسية، ويرمز كل عنصر من هذه العناصر إلى جانب مختلف من جوانب الحياة:
-
"سبزه" (براعم): حبوب القمح أو الشعير المنبتة، ترمز إلى الولادة الجديدة والنمو.
-
"سنجد" (فاكهة نبق): يرمز إلى الحب والرحمة.
-
"سير" (ثوم): رمز الصحة والحماية من الأمراض.
-
"سيب" (تفاح): يمثل الجمال والصحة.
-
"سماق": يرمز إلى الفجر وانتصار النور على الظلام.
-
"سركه" (خل): يمثل الصبر والحكمة المتراكمة على مر السنين.
-
"سمنو" (حلوى تشبه البودينغ مصنوعة من القمح): للقوة والوفرة.
تقديم الهدايا
أوضح عالم السياسة والأستاذ الجامعي الإيراني روح الله مدبر لشبكة TV BRICS إن أحد تقاليد النوروز هو تقديم الهدايا للأطفال والقاصرين.
"هذا الفعل هو تقليد ممتاز، لأنه يعمق المحبة بين الكبار والصغار"![]()
روح الله مدبر عالم سياسة إيراني
من العادات الشهيرة الأخرى في النوروز لقاءة الأصدقاء والأقارب وزيارتهم. ووفقًا لهذه العادة، يلتقي الأشخاص الذين ربما لم يروا بعضهم البعض في العام السابق مرة أخرى ويجددون ذكرياتهم.
وقال روح الله مدبر: "يقضي الإيرانيون ليلة النوروز مع عائلاتهم، وعشاء ليلة رأس السنة التقليدي هو السمك الأبيض مع الأرز والخضروات".
ماذا يعني النوروز للإيرانيين؟
ترى الدكتورة حسنى سليمي أن النوروز يجلب للإيرانيين إحساسًا عميقًا بالوحدة والأسرة والفخر الثقافي، وإنه وقت للبدايات الجديدة والنمو الشخصي وتعزيز الروابط المجتمعية. وقالت:
"النوروز ليس مجرد احتفال بتغير الفصول، بل هو وقت لتكريم القيم التي توارثتها الأجيال؛ قيم الصمود والمحبة والأمل. ومع كل هذا، يصبح النوروز أكثر من مجرد احتفال بالعام الجديد، إنه تأكيد قوي للحياة وفرحة التواجد مع الأحباء".
مصدر الصورة: Envato