التعاون الرياضي بين دول بريكس: دعم الوحدة الثقافية والتنمية المشتركة
توسعت مجموعة بريكس، التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، في عام 2024 لتضم دولاً جديدة، وهي مصر وإثيوبيا وإيران والسعودية والإمارات. هذا التوسع يعزز التبادل الثقافي والتنمية المتبادلة بين الدول، ويأتي التعاون الرياضي كأحد الوسائل الرائدة لتعزيز الوحدة بين الشعوب المتنوعة، حيث أصبحت الرياضة أداة قوية لبناء علاقات أعمق بين دول المجموعة.
ألعاب بريكس الرياضية: جسر للتعاون بين الدول الأعضاء
بدأت ألعاب بريكس الرياضية كحدث متعدد الرياضات في عام 2017، وأصبحت منذ ذلك الحين محوراً للتعاون الرياضي، إلى جانب عدة اجتماعات رسمية لوزراء الرياضة التي وضعت مبادرات استراتيجية لتوسيع الشراكات الرياضية بين دول بريكس.
وقد استضافت الصين أول حدث في غوانغتشو، حيث شملت الألعاب منافسات في كرة السلة وكرة الطائرة وفن الووشو الصيني، وفقاً لموقع ألعاب بريكس 2024 الرسمي. ومنذ ذلك الحين، توسعت الألعاب لتشمل مجموعة أوسع من الرياضات كل عام، متغيرة حسب الدولة المضيفة. وتتميز ألعاب بريكس بكونها تتضمن رياضات تراثية، مثل الكابويرا من البرازيل والكبادي من الهند والووشو من الصين، مما يعزز التقارب الثقافي ويعزز الاحترام المتبادل.
أقيمت هذه الأحداث بشكل سنوي، إلا أن جائحة كوفيد-19 أدت إلى إقامة نسختي 2020 و2021 عبر الإنترنت حفاظاً على سلامة المشاركين.
وفي عام 2020، اعتمد أول اجتماع لوزراء الرياضة لدول بريكس مذكرة تفاهم في مجال التربية البدنية والرياضة. وتشمل هذه الاتفاقية، من بين أهداف أخرى، إقامة ألعاب بريكس الرياضية سنوياً في الدولة التي تترأس المجموعة، مما يعزز الالتزام بالتبادل الرياضي والتمثيل الثقافي داخل المجموعة.
وفي عام 2023، استضافت جنوب أفريقيا ألعاب بريكس في مدينة ديربان، حيث تنافس الرياضيون في رياضات متعددة مثل السباحة والتنس والريشة الطائرة، إضافة إلى مسابقات مخصصة للرياضيين من أصحاب الهمم. ومع تولي روسيا رئاسة مجموعة بريكس، أقيمت ألعاب 2024 في مدينة قازان، واشتملت على 29 رياضة، منها الجمباز الإيقاعي والجودو، إلى جانب الرياضات التقليدية مثل الووشو ومصارعة حزام كوريش، بمشاركة أكثر من 5000 رياضي.
بالإضافة إلى ذلك، وفي إطار ألعاب بريكس الرياضية لعام 2024، عقد وزراء الرياضة في دول بريكس اجتماعاً حضره ممثلو الدول الأعضاء.
وكانت النتيجة الرئيسية للاجتماع تبني وزراء الرياضة في بريكس بياناً مشتركاً، جرى تنسيقه خلال اجتماعات خبراء من مجموعة العمل التابعة لبريكس التي انعقدت قبل يوم من الاجتماع.
وفي سياق الاجتماع، تحدث ميخائيل ديغتيريف، وزير الرياضة في روسيا الاتحادية، عن مبادرات مشتركة مستقبلية بين دول بريكس، قائلاً: "يُبنى التعاون الرياضي بين دول بريكس بروح الشراكة، ويظل أحد أولويات التفاعل بين دولنا. ومن أبرز المبادرات تطوير برنامج إطار للتعاون الرياضي، يشمل قواعد تنظيم ألعاب بريكس في الدولة التي تتولى الرئاسة. وقد بادرت روسيا بتطوير هذا البرنامج، الذي وُضع ليكون حجر الزاوية لتطوير التعاون وترسيخ القيم الأساسية للحركة الرياضية".
وفي تعليق حصري لشبكة TV BRICS، تحدث أندريه فولكوف، المتخصص في الشؤون الجغرافية السياسية والمحامي الدولي وخبير العلاقات الدولية، عن التأثير العالمي لألعاب بريكس وأهميتها على الساحة الدولية، قائلاً: "يمكن لألعاب بريكس أن تكون رمزاً للوحدة بين دول تمثل جزءاً كبيراً من سكان العالم واقتصاده، مما يخلق منصة فريدة لمعالجة القضايا العالمية الملحة والتعاون نحو مستقبل متوازن ومستدام. هذا الحدث يبرز التأثير المتزايد لدول بريكس+ ويؤكد دورها المتنامي في تعزيز نظام عالمي متعدد الأقطاب على التنوع والتعاون".
دوري ماراثون بريكس: الرياضة جسر للتواصل بين دول بريكس
في 15 يونيو 2023، وعلى هامش فعاليات منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي، شهدت الأوساط الرياضية توقيع اتفاقية لإطلاق دوري ماراثون بريكس، الذي يعتمد على ثلاثة من أكبر سباقات الماراثون في روسيا، وهي سباقات موسكو وسانت بطرسبرغ وقازان.
وجرت مراسم التوقيع في جناح وزارة الرياضة الروسية، حيث حضرها عدد من الشخصيات البارزة في المجال الرياضي، من بينهم أليكسي كوندارانتسيف، رئيس إدارة الرياضة في موسكو، وفلاديمير ليونوف، وزير الرياضة في تتارستان، وأنطون شانطير، رئيس لجنة الثقافة البدنية والرياضة في سانت بطرسبرغ. ويهدف هذا المشروع إلى دعم التعاون الدولي عبر الرياضة والاحتفاء بتبادل ثقافي ورياضي يعمق روابط الشراكة بين دول بريكس.
وكانت فكرة إطلاق دوري ماراثون بريكس ثمرة مناقشات طويلة بين وزراء الرياضة في دول بريكس، الذين اجتمعوا على تعزيز التعاون الرياضي بين دولهم وإثراء التفاهم المتبادل عبر الرياضة كوسيلة فعالة تجمع شعوبهم.
وفي البيان المشترك الصادر عن وزراء الرياضة في بريكس ضمن إطار رئاسة روسيا للمجموعة، أعربت روسيا عن مقترحها بإنشاء دوري ماراثون يسعى إلى إبراز الأحداث التقليدية للماراثون في الدول الأعضاء، بحيث يعكس كل سباق منها طبيعة المناظر الطبيعية وتراثاً ثقافياً فريداً لكل دولة من دول بريكس. ويمثل هذا المشروع جزءاً من المبادرة الشاملة التي تقودها روسيا ضمن رئاستها لمجموعة بريكس لعام 2024، بهدف أن تصبح الرياضة جسراً للتواصل بين الدول الأعضاء العشر.
وفي اجتماع وزراء الرياضة لدول بريكس الذي عُقد في مدينة قازان عام 2024، اعتمد القادة فكرة الدوري باعتباره منصة توحد الشعوب وتستقطب المشاركين من دول بريكس ومن دول أخرى. وقد تضمنت الخطوات الأولية نحو تحقيق هذا المشروع مناقشات تتعلق بتوحيد صيغ الماراثون وتنسيق مساراته، مما يتيح لكل دولة فرصة تقديم تراثها الوطني ضمن إطار رياضي مشترك، ما يسهم في بناء جسور متينة من التفاهم والتواصل بين الدول.
انطلق دوري ماراثون بريكس بماراثون موسكو في روسيا، أحد أكبر سباقات الماراثون في أوروبا، حيث شارك فيه أكثر من 30 ألف عداء في عام 2024، من بينهم مشاركون من إثيوبيا وكينيا والصين. وقد أبرز البيان المشترك لوزراء الرياضة في دول بريكس أن المرحلة القادمة من الدوري ستشمل تنظيم ماراثونات في مختلف مدن دول بريكس، ما يتيح لكل دولة فرصة المساهمة في تطوير هذه المنصة المتنامية.
وفي تعليق حصري لشبكة TV BRICS، أوضح البروفيسور فلاديمير ليدنيف، رئيس قسم إدارة الرياضة بكلية التربية الرياضية وأستاذ الاقتصاد، أن الفعاليات الرياضية التي تُنظم في دول بريكس تسهم ليس فقط في تعزيز الأجندة الرياضية، بل أيضاً في التفاعل الثقافي بين مختلف الدول.
"يمكن استخدام الفعاليات الرياضية لدول بريكس لتعزيز التبادل الثقافي بين الدول، وهذا أمر بالغ الأهمية في نشر القيم التقليدية في الثقافة والرياضة. الرياضة تكمل الثقافة؛ فهما مرتبطان بشكل وثيق. يكفي أن نتذكر أنه خلال الفعاليات الرياضية الكبرى، بما في ذلك الألعاب الأولمبية، تُنظم أولمبيادات ثقافية ومهرجانات ثقافية"فلاديمير ليدنيف رئيس قسم إدارة الرياضة بكلية التربية الرياضية
ويرى الخبير أن الدوري يهدف إلى تعزيز روح الصداقة بين الدول، إلى جانب تعزيز السياحة الرياضية وتوفير فرص تدريب مشترك، مع استمرار المناقشات حول توسيع نطاق الدوري في عام 2025، حين تتولى البرازيل رئاسة المجموعة.
منتدى الدبلوماسية الرياضية الدولي لشباب بريكس+: جسر لتعزيز التعاون بين الدول
أُطلق منتدى الدبلوماسية الرياضية الدولي لشباب بريكس+ في عام 2023، مستقطباً أكثر من 200 مشارك من 40 دولة، ومنذ ذلك الحين، أصبح المنتدى حدثاً سنوياً تستضيفه الجامعة الروسية لصداقة الشعوب في موسكو، وينظم بالتعاون بين رابطة الدبلوماسية الرياضية، ومكتب مشروع روسيا بريكس، وبدعم من هيئات رياضية وتعليمية روسية.
يهدف المنتدى إلى تعزيز الروابط بين دول بريكس+ من خلال استخدام الرياضة كأداة دبلوماسية، إذ يسعى إلى تعزيز الفهم المتبادل بين الثقافات، وتحضير القادة الشباب لأدوار مستقبلية في إدارة الرياضة الدولية.
ذكر موقع الجامعة الروسية لصداقة الشعوب (RUDN) أن المنتدى الدولي لشباب بريكس+ يتناول موضوعات تشمل الرياضات الناشئة مثل الرياضات الإلكترونية، إلى جانب الرياضات التقليدية، بهدف ترسيخ الدبلوماسية الرياضية كوسيلة للتواصل العالمي البنّاء. وبحسب المنظمين، يأتي موضوع المنتدى لعام 2024 تحت شعار "الدبلوماسية الرياضية: معالم عالم متعدد الأقطاب"، معبراً عن الرغبة في استثمار الرياضة لتعزيز التبادل الثقافي والمبادرات التعاونية عبر أطر عالمية متعددة الأطراف.
وفي عام 2024، وصل أكثر من 300 ممثل للشباب من 57 دولة إلى العاصمة الروسية للمشاركة في النسخة الثانية من المنتدى الدولي لشباب بريكس+. وقد أثار الحدث اهتمام الساسة وممثلي المجتمع المدني، حيث خاطب سيرجي بورلاكوف، نائب رئيس لجنة الثقافة البدنية والرياضة في مجلس الدوما الروسي، المشاركين، مؤكداً على دور المنتدى في تطوير دبلوماسية الشباب.
ونقلاً عن موقع الجامعة، فقد أكد المشاركون في المنتدى، وفقاً لأجندته، على ضرورة إنشاء منصة دولية للتواصل تجمع بين الشباب العاملين في قطاع الرياضة، والخبراء، والدبلوماسيين، والشخصيات العامة.
وفي تصريح لقناة TV BRICS، أكد البروفيسور فلاديمير ليدنيف أن الدبلوماسية الرياضية، التي تتجسد من خلال مبادرات التعاون الرياضي لدول بريكس، تعزز العلاقات الإيجابية ليس فقط داخل بريكس، بل أيضاً مع الدول الأخرى. ومع توسع عضوية بريكس، تنضم دول جديدة مثل السعودية وإيران والإمارات ومصر وإثيوبيا، مما يعزز التنوع الثقافي ويعزز فكرة الوحدة في إطار التنوع ضمن الرياضة الدولية، مع إتاحة الفرصة لهذه الدول لتقديم رياضات فريدة وربما استضافة ألعاب بريكس المستقبلية.
مصدر الصورة: iStock