نماذج الأسرة في دول بريكس: التقاليد والتحديات ونفسية الأجيال
عند الحديث عن مجموعة بريكس، غالبًا ما يكون التركيز على الاقتصاد، والتعاون متعدد الأطراف، والنفوذ الدولي. ومع ذلك، وراء الأرقام الجافة للناتج المحلي الإجمالي والجغرافيا السياسية، تقف ملايين الأسر التي تشكل النسيج الثقافي لكل دولة من دول المجموعة. ورغم الاختلافات الظاهرة بين هذه الدول، تبقى الأسرة هي المؤسسة الاجتماعية الأساسية في جميع تلك الدول، حيث تخضع لتحولات معقدة تتراوح بين الحفاظ على التقاليد ومواجهة تحديات العصر.
احترام آراء كبار السن مقابل الاستقلالية في اتخاذ القرارات في الهند
على سبيل المثال، في الهند، تُعتبر التقاليد غالبًا حقائق ثابتة غير قابلة للنقاش، تُقبل دون تساؤلات. ومع ذلك، في الآونة الأخيرة، يرغب الشباب في الهند بشكل متزايد في العيش بعيدًا عن عائلاتهم واختيار شركاء حياتهم دون ضغط العائلة. وفي هذا السياق، قد يصبح الصراع بين الآباء والأبناء ليس مجرد دراما شخصية، بل قضية ذات أبعاد اجتماعية واسعة.
نموذج "4-2-1" في الصين
في الصين، يشهد المجتمع تحولًا فريدًا: من سياسة "عائلة واحدة - طفل واحد" إلى أزمة شيخوخة السكان. نموذج "4-2-1" (أربعة أجداد، والدين وطفل واحد) قد أنتج جيلًا من "الأباطرة الصغار"، الذين تربوا في بيئة مليئة بالرعاية المفرطة والتوقعات العالية. واليوم، هؤلاء "الأباطرة" أنفسهم يتزوجون، أو يتجنبون الزواج تمامًا، ويشعرون بالإرهاق الناتج عن السباق الحاد في بيئة العمل.
الاتجاه نحو الأمومة في جنوب إفريقيا
أما في جنوب إفريقيا، فتعتبر الأسرة حالة خاصة، فغالبًا ما يُبنى الهيكل العائلي على مفهوم الأمومة. ففي الحقبة ما قبل الاستعمار، كانت النساء حاكمات أو كاهنات في العديد من الشعوب. ومن جهة، هناك إرث ثقافي من المجتمعات القبلية، ومن جهة أخرى، تأثير النماذج السلوكية للمجتمعات الغربية. نتيجة لذلك، يعيش الشباب هناك بين عدة هويات، بينما تظل الجدات هن الشخصيات المركزية اللواتي تجمعن شتات الأسرة وتبقيها متماسكة.
ما هو نموذج الأسرة المستدام في العصر الحديث؟
في كل دولة، تختلف نفسية الأجيال، ولكن يبقى الأمر المشترك بين جميع هذه الدول هو استياء كبار السن من تصرفات الشباب، واستياء الشباب من مواقف الكبار. في هذا الصراع غير القابل للحل بين الماضي والمستقبل، تظهر صورة الأسرة الحديثة. وفي هذا السياق، يصبح البحث عن النموذج "الصحيح" أمرًا لا معنى له. ربما الاستدامة العائلية اليوم لا تكمن في التمسك بالتقاليد، بل في القدرة على التكيف والمرونة. حيث كانت العبارات السابقة مثل "يجب أن يكون الأمر هكذا"، يتم استبدالها اليوم بـ "هكذا أريد أن يكون". هذا هو المسار الجديد: ليس في الالتزام بإطارات جامدة أو أنماط ثابتة، بل في البحث عن توازن يتيح تلاقي أصوات الأجيال المختلفة.
هذا المقال بقلم أوكسانا فاسيليفا، عضو فريق BRICS Bloggers Team ومشاركة في " مركز الإعلام الجديد".
جدير بالذكر أن مركز " الموارد الإعلامية الجديدة" المستقل غير الربحي يتعاون مع أكثر من 500 مدون، يهدفون إلى إبراز أهمية المهن الحرفية، وتشجيع السياحة الداخلية والخارجية، وتعزيز العلامات التجارية للمناطق المختلفة. ويوفر المركز للمؤثرين فرصًا لتطوير حضورهم الإعلامي، وصقل مهاراتهم، وبناء علاقات مفيدة، بالإضافة إلى إمكانية المشاركة في مشاريع مشتركة داخل مجتمع المدونين، ونشر محتوى عالي الجودة على وسائل التواصل الاجتماعي.
DIGITAL WORLD
مركز بريكس+ الإعلامي
MODERN RUSSIAN